الجمعة، 7 يونيو 2013

الملتقى الوطني الأول : الجلفة .. مسيرة كفاح ( المقاومة الشعبية - الحركة الإصلاحية - الحركة الوطنية - الثورة التحريرية ) 1830 - 1962 بجامعة زيان عاشور الجلفة يومي 25 ، 26 جوان 2013

تحت الرعاية السامية لـ :
- السيد والي ولاية الجلفة
- المجلس الشعبي لولاية الجلفة
- المجلس الشعبي البلدي بلدية الجلفة
و إشراف :
- جامعة زيان عاشور الجلفة
- إتحاد المؤرخين الجزائريين
- الجمعية الولائية للبحث التاريخي و التراث لولاية الجلفة
- المنظمة الوطنية للمجاهدين مكتب الجلفة
- المنظمة الوطنية لأبناء الشهداء مكتب الجلفة
ينظم :
الملتقى الوطني الأول : الجلفة .. مسيرة كفاح
( المقاومة الشعبية - الحركة الإصلاحية - الحركة الوطنية - الثورة التحريرية )
1830 - 1962
بجامعة زيان عاشور الجلفة
يومي 25 ، 26 جوان 2013
ديباجة الملتقى :
تعتبر الجلفة بتاريخها البعيد الذي يتميز بالثراء و التنوع و جغرافيتها الرابضة في قلب الجزائر ، و التي أكسبتها تأثيرا و تأثرا بمختلف الأحداث التي شهدتها الجزائر عبر عصورها المختلفة ، إلا أن الملفت للإنتباه أننا لا نكاد نلمس كل هذا التأثير و التأثر في مجمل الكتابات التاريخية التي أرّخت للجزائر عبر تاريخها الطويل و هو الأمر الذي يؤكد لنا بأن عدم الكتابة حول تاريخ المنطقة لا ينفي ابدا عنها الحركية التاريخية و هو بالضبط ما ينطبق عن تاريخ هذه المنطقة التي لا نجدها في السيرورة التاريخية إلا منطقةً معطاء ، و من أبرز نموذج عطائها ما قدمته خلال فترة القرن العشرين التي تميزت بمقاومة شعبية من أبرز قادتها التلي بلكحل ، و بمسيرة افصلاح التي كان شعارها العلم نور يبصرنا ، حيث جذبت غليها الكثير من أقطاب جمعية العلماء أمثال عبدالحميد بن باديس و مبارك الميلي و غيرهم الأمر الذي جدد فكرة التعليم المنبثق من ذات المجتمع بعيدا عن التعليم الفرنسي الغريب في مجتمعنا إضافة إلى فكرة إصلاح النفوس بعد و ليل الاحتلال الطويل ، كما واكب حركية جمعية العلماء النشاط المضني للزوايا في نشر التعليم الديني في ربوع هذه المنطقة ، دون أن نغفل عن تلك الحركية العلمية التي تميز أبناء المنطقة شغفا في نيل العلم هنا أو خارج المنطقة و حتى إلى الربوع البعيدة في بلاد المغرب و المشرق ، و بافضافة لمسيرة افصلاح لم تبخل هذه المنطقة بتضحية الكفاح ، سواء السياسي بانعكاس نشاط الحركة الوطنية على هذه المنطقة طيلة فترة ما قبل الثورة و ما شهدته من زيارات لبعض أقطاب الحركة الوطنية مثل فرحات عباس و غيره ، أو العسكري و ما دفعته هذه المنطقة من ضريبة غالية اثناء ثورة التحرير المباركة منذ البدايات الأولى للثورة سواء عبر دماء أبناء المنطقة التي سالت في كل ربوع الوطن عبر ولايات تنظيم الثورة ، أو بذلك النشاط الثوري المتميز الذي جعل قدر هذه المنطقة بخلاف مجمل مناطق الوطن أن تكافح جبهتين حربيتين عظيمتين هما العدو الفرنسي الذي أولى للمنطقة حسابات خاصة بالنظر لاستراتيجيتها خصوصا بعد اكتشاف البترول ، و القوى المناوئة للثورة المدعمين من قبل العدو و هو الأمر الذي يضاعف في التضحية التي قدمتها المنطقة للثورة .
من هنا .. جاء هذا الملتقى ليفتح الباب واسعا أمام الباحثين للبحث و التنقيب عن تاريخ هذه المنطقة لملء حلقة مفرغة في تاريخ وطننا ، كانت هذه المنطقة جزءً مهما تأثيرا و تاثرا فيه ، رغم أن البحث في تاريخ المنطقة تعترضه عقبات كئود مصدرها الأساسي هو قلة الدراسات و الكتابات المتخصصة في دراسة تاريخ هذه المنطقة ، و الظاهر أن الموروث الشفوي المعتمد على الذاكرة كان هو المصدر الأبرز في الكتابة لديهم ، لكن عدم الانتباه لضرورة وضع هذه المادة الشفوية تحت ضوء التحقيق العلمي و مقابلته بالتمحيص و التدقيق و المقابلة ، اذهب عنا شغف التنقيب عن الأصول ، و هو الأمر الذي أنقص الطابع العلمي في كتاباتنا لتاريخ المنطقة ، و هو ما يستوجب جهدا جديدا في إعادة كتابة هذا التاريخ وفق المنهج العلمي الذي لايقصي ابدا الجانب الشفوي في الرواية التاريخية ، باعتبارها مصدر اساسي يرجع إليه ، لأنه في كثير من الأحيان يستوجب هذا المنهج ضرورة الاجتهاد في ملء الفراغ المؤثر في الحدث التاريخي ، لكن وفق مواصفات و آليات متفق عليها علميا .
و في الأخير فإن القصد من هذا الملتقى هو وضع لبنة اساسية للبحث التاريخي الجاد حتى تكون توجيها للبحث مستقبلا حول هذا التاريخ الذي ماهو إلا رافدا من روافد التاريخ الوطني العام باعتبار أن التاثير و التاثر كان سمة عامة في هذا التاريخ .
المشرفون على الملتقى :
- الرئيس الشرفي : أ / د علي شكري جامعة الجلفة
- رئيس الملتقى : أ . قن محمد جامعة الجلفة
- نائب رئيس الملتقى : أ . داودي مصطفى جامعة الجلفة
اللجنة العلمية للملتقى :
- رئيس اللجنة العلمية أ / د . بن يوسف تلمساني جامعة خميس مليانة
- نائب رئيس اللجنة العلمية : أ . قرود أمحمد جامعة الجلفة
أعضاء اللجنة العلمية كل من الأساتذة :
- أ / د . يوسف مناصرية جامعة باتنة
- أ / د . بوعزة بوضرساية جامعة الجزائر 2
- أ . برابح الشيخ جامعة الجلفة
- د . جما يحياوي جامعة الجزائر 2
- د . فشار عطاالله جامعة الجلفة
- د . الغالي الغربي جامعة المدية
- د . مصمودي نصرالدين جامعة بسكرة
- د . شيبوط يمينة سعاد جامعة تلمسان
- أ / د . صالح لميش جامعة المسيلة
- د . عبدالمالك سلاطنية جامعة قالمة
- أ . هزرشي بن جلول جامعة الجلفة
- أ . كربوعة سالم جامعة بسكرة
- أ . سعودي أحمد جامعة الأغواط
- أ دليوح محمد جامعة الجزائر 2
- أ . مغدوري حسان جامعة الجلفة
- د . فريخ لخميسي جامعة بسكرة
- أ . غورينة عبد النور جامعة خنشلة
- د . سعدادي محمد جامعة عنابة
- د . دليوح عبد الحميد جامعة الجزائر 2
- أ . لباز الطيب جامعة الجلفة
- أ . جرد سالم جامعة الجلفة
- أ . عليوات مسعود جامعة الجلفة
- أ . بن جدو عبد الفتاح جامعة الجلفة
- أ . نائلي عبدالقادر جامعة الجلفة
- د . قصري سعيد جامعة المسيلة
اللجنة التنظيمية :
رئيس اللجنة التنظيمية : أ . حليس عبدالقادر
أعضاء لجنة التنظيم كل من الأساتذة :
- عابد ابراهيم
- حايد عقيلة
- قراش عبدالرحمان
- قاسم مسعود
- لعيوج سلمان
- منصور المختار
- بربورة حسن
- بن سيدي مراد
- حر مراد
- شنيخر عبدالرحمان
- غريب محمد
- برمان عمر
- دعلوس حسن
- حساني بن يطو
- سلامي مفتاح
أمانة الملتقى :
- أ قرود دحمان جامعة الجلفة
- أ . ذيب عبدالرحمان جامعة الجلفة
- أ . دركوش أحمد جامعة الجلفة
- أ . معمري حفيظة جامعة الجلفة

المحاور الرئيسية للملتقى :
- المحور الأول : المقاومة الشعبية بمنطقة الجلفة
- المحور الثاني : الحركة العلمية و افصلاحية في المنطقة
- المحور الثالث : نشاط الحركة الوطنية في المنطقة
- المحور الرابع : دور المنطقة في الثورة التحريرية المباركة

المشاركة في الملتقى :
شروط البحث :
1 - أن يكون موضوع البحث ذا صلة بمحاور الملتقى و في الإطار الزمني المحدد
2 - أن يتسم البحث بالمنهجية العلمية ، و تتوافر فيه مواصفات البحث العلمي
3 - أن تكتب الحواشي ( الهوامش ) في آخر كل صفحة على أن تكون قائمة المصادر و المراجع في آخر المداخلة
4 - أن يكتب بلغة عربية فصيحة
5 - أن يكون مقاس الصفحة ( A4 ) و يكون خط المتن ( Arabic Traditional ) بمقاس ( 16 ) ، و خط الحاشية ( Traditional Arabic ) ، بمقاس ( 14 ) .
6 - لا يتم قبول المداخلات بناء على ملخصها فقط ، بل لا بد من تقديمها كاملة في مواعيدها المحددة التي تسبق موعد الملتقى مثلما هو مشار أدناه .
المواعيد التنظيمية للملتقى :
1 - ينظم الملتقى يومي 25- 26 / 06 / 2013
2 - يرسل الباحث ملخصا لبحثه قبل ( 15/06/2013 )
3 - يصل البحث كاملا بعد الموافقة عليه من قبل اللجنة العلمية للملتقى و ذلك قبل ( 20/06/2013 )
4 - يرفق الباحث مع بحثه ملخصا لسيرته الذاتية فيما لا يزيد على صفحة واحدة
5 - لا تقبل البحوث إلا بعد موافقة اللجنة العلمية المشرفة على الملتقى .
6 - ترسل الملخصات و البحوث كاملة على العنوان الالكتروني :
Djelfa.kifah@hotmail.com

الاثنين، 8 أبريل 2013

سي عامر محفوظي ، حتى لا ننسى

سي عامر محفوظي ، حتى لا ننسى



ولد سي عامر محفوظي بن المبروك بن مزوز المحفوظ بن احمد خلال 1930 بمدينة مسعد في جنوب ولاية الجلفة ، حفظ القرءان الكريم في صغره عن والده ، ومنذ العام 1941 يبدأ يؤم المصلين في المساجد الحرة والرسمية وصلاة التراويح.

في سنة 1946 أرسله والده إلى زاوية الهامل للتعلم وفي نفس السنة توفي أباه .تعرف بالإمام الشيخ مسعودي عطية عام 1947 في الجلفة وطلب منه إقراء أولاده على ان يعلمه فقرأ عنه متونا جمة في الفقه والنحو والفرائض وغيرها من العلوم الشرعية, حفظ المتون ومختصر الخليل وكان أحد الطلبة النجباء بجانب الشيخ السالت الجابري حفظه الله وعبد القادر الشطي رحمه الله للعلامة رحمه الله عطية مسعودي. ك ل ذلك مكنه من أن يكون مرجعا في الفقه المالكي في شمال افريقية والامة الاسلامية, أذن له في تدريس الطلبة العام 1952 ، وعمل مع بداية الاستقلال بوزارة التربية الوطنية .عين الشيخ سي عامر رحمه الله إماما مساعدا للشيخ سي عطية في المسجد الكبير بالجلفة (جامع الجمعة ) سنة 1967.وفي نفس السنة منح الشيخ نعيم النعيمي شهادة علمية . كان متفوقا في اجتياز امتحان لائمة التيطري سنة 1972 وعين سنة 1974 مرشدا ومدرسا في بعثة الحج .تقلد سنة 1975 مهام المسجد كإمام ممتاز وقائم بدرس الجمعة والخطبة والتراويح والفتوى الشفاهية والكتابية .انتخب العام 1991 كرئيس للمجلس العلمي لولاية الجلفة ، ودعي عام 1993 عضوا في لجنة الفتوى ومقرر لها وفي نفس السنة كلف ناظرا للشؤون الدينية والأوقاف لولاية الجلفة .عين سنة 1995 كرئيس للجنة الفتوى في الحج .خرج للتقاعد عام الـ1996 ليتفرغ للعمل الدعوي والفتوى والإصلاح بين الناس ، وكان منصتا لمحدثيه وافر العلم غزير المعارف.

مثل الولاية في العديد من الملتقيات الدولية والوطنية في مجال الفكر الإسلامي ، وتتلمذ على يديه العديد من المشايخ، وله مؤلفات ومخطوطات عديدة منها:" تحفة السائل بباقة من تاريخ سيدي نايل " و كتاب "الطرفة المنيرة في نظم السيرة" ، رحل الى جوار ربه عصر الأربعاء 20 ماي 2009 الموافق ل 24 جمادي الأولى 1430. شيعه نحو 20 ألفا من أبناء الجلفة ظهر الخميس وهاهو رابع علماء شمال افريقية يموت هذا العام بعد الشناقطة والشيخ الامام العلامة محمد باي الادراري .

الخميس، 28 مارس 2013

محطات في مسيرة العلامة عبد القادر بن ابراهيم المسعدي النائلي



شهدت الفترة الممتدة ما بين 1900 إلى غاية 1956 الكثير من الأحداث، ميزها ميلاد وانبعاث الحركتين الوطنية والإصلاحية بالجزائر. رغم الظروف الصعبة التي كان يعيشها الشعب تحت سلطة (المستدمر) ومرور سبعون عاما على دخول الجيوش الفرنسية الغازية إإلى الجزائر.
وكان المسعدي كغيره من العلماء والمفكرين ورجال الإصلاح على علاقة مباشرة بتلك الأحداث ولم ينقطع عنها باعتباره احد ابرز المساهمين والمؤثرين فيها. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، إن عصر المسعدي كان له الأثر البالغ في تكوين شخصية باعتباره شاهدا على العصر. وهناك أحداث مباشرة مست حياته الخاصة كوقوفه ضد المستعمر والمكائد والدسائس التي كان يقوم بها أعوان فرنسا للإيقاع به والتزامه بالتعليم الحر وتأثره البالغ بقانون 8 مارس المشؤوم. والشيء المهم التحاقه بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين والتي أصبح عضوا عاملا في صفوفها وربط علاقات متينة مع شيوخها خاصة الشيخان عبد الحميد ابن باديس والبشير الإبراهيمي الذي كان يتبادل معه الزيارة  والرسائل.
أما مسقط رأسه مدينة مسعد عاصمة أولاد نائل التي اختارها يوما الرومان لإقامة مركز عسكري متقدم في سنة 198 بقيادة قائد قلعة كاستليوم  ديميدي. فلم تكن في ذلك الوقت بعيدة عما يقع من أحداث الشيئ الذي جعلها موضع رقابة دائمة من طرف الحكام العسكريين كمنطقة عسكرية تابعة للقيادة الحربية بغرداية باعتبارها شهدت أحداث، خاصة منذ زيارة الأمير عبد القادر إلى أولاد نائل ووصول الجنرال يوسف إلى مشارف مسعد في31 مارس 1845 حيث قام السكان بمعركة عين الكحلة بجبل بوكحيل ضد قوات الجنرال يوسف.
ثم ظهور مقاوم شرس وهو الإمام الثائر عبد الرحمن بن الطاهر المسعدي المعروف بالشيخ المرابط والذي دعي إلى مقاومة المستعمر كما انه عقد في تلك الفترة ملتقى حضرته شخصيات دينية وسياسية في1923 بمنطقة (بريش) بصحراء مسعد من اجل توحيد الصفوف وإعلان المقاومة في المغرب العربي حضره عدد من مشائخ ذلك العصر من كل الأقطار وممثلين عن تونس وليبيا والمغرب وقد سجل الشيخ بيوض الذي حضر اللقاء والذي دام ثلاث أيام، ذلك في كتاب عنونه (ثلاث ليالي في الصحراء). وقد قبضت فرنسا على عبد الرحمن بن الطاهر الذي عاد من ليبيا بعد دعمه للمقاومة هناك، أثناء إحدى المعارك رفقة 250 فارسا وأودعته سجن سركاجي حيث تمّ إعدامه في 14 جويلية 1931 المصادف لعيد فرنسا ودفن بمسعد. بالإضافة الى  المقاومة التي قام بها اولاد سيدي سعد خاصة معركة عين الناقة بسبب قتل الأهالي لضابط فرنسي بمنطقة المجبارة يدعى النقيب "ويصال" في 12أكتوبر 1854.
كما ان وضع مسعد الاقتصادي والاجتماعي ليس بأحسن حال مما كانت عليه الجزائر سياسيا. اذ شهدت المجاعة التي ضربتها سنة 1945 وعرفت بعام (التشيشة). بالإضافة إلى سياسة المستعمر في تفقير الشعب وتجهيله. إلا أننا نستطيع أن نقول انه على عكس الظروف الاجتماعية الصعبة والحالة السياسية والاقتصادية التي كانت تعيشها الجزائر ومناطق الجنوب آنذاك إلا أن البيئة الثقافية كانت مزدهرة بل وعرفت أزهى فتراتها. وانتشار الزوايا في كل ربوع الولاية. فالمسعدي هو الإمام اللغوي الأديب الفقيه الشيخ عبد القادر بن ابراهيم بن الشيخ الطعبي السعداوي عرشا, المسعدي مولدا, النائلي, ولد سنة 1888 في دوار عرش أولاد طعبة في سفوح مسعد. في بيت متواضع من بيوت أولاد سعد بن سالم إحدى البطون النائلية المتمركزة في جنوب الجلفة.
عرف بالمسعدي نسبة لمسقط رأسه. ولد في أسرة كريمة عرفت بالتقوى والصلاح, حيث كان أبوه أحد أعيان عرش أولاد سعد بن سالم.
وقد حرصت والدته على تربيته وتنشئته على القيم والمبادئ الإسلامية, وكانت تخدمه بنفسها سواء صغيرا أو كبيرا. وأدخله والده الكتاب وحفظ القرآن في سن مبكرة (سبع سنوات). وكان عصامي يجتهد لتعليم نفسه فبدأ يطالع ما وجده من الكتب, حيث قرأ القطر, ولامية الأفعال لابن مالك, والقاموس المحيط, والسيرة النبوية لابن هشام والعقد الفريد والكثير من المؤلفات الأخرى. اكسبته علما غزيرا وكان يحضر ندوات العلم وحلقات الدرس التي كانت تقام عبر المساجد, ويستمع ويسجل ثم التحق بمقاعد الدراسة ليتحصل على الشهادة الابتدائية, الا اننا لا نعرف من شيوخ المسعدي الا اثنين اولهم الشيخ الطاهر بن العبيدي  الذي درس عليه بتقرت النحو والفقة والتوحيد وبقي عنده طيلة ستة اشهر. ورغم ذلك لم يأثر فيه شيخه بسلوكه الصوفي وختم الالفية في حضرته بقراتهم عليه في صفر 1328 وعمره انذاك 24 سنة.
اما معلمه الثاني فهو الشيخ محمد بن على حساني (1868– 1910) الذي درس عليه اللغة الفرنسية والتي أجادها باتقان,, ليصبح نابغة عصره في اللغة والفقه والحديث. حيث قرا شكسبير وترجم فيكتور هيغو.
وقد ساهم في تعكير صفو حياته الضربات الموجعة التي كان يتلقاها خاصة في وفاة رفيقيه والده واخيه حيث كان شديد الالتصاق بعائلته وكان والده ابراهيم واخوه محمد من اشد المقربين اليه وقد تاثر كثيرا لوفاتها- توفي والده ابراهيم بن الشيخ شهر اوت 1940 وكانت المدة التي تفصل بينه وبين محمد شهرين ونصف- عوقب بالسجن في حكم الكومندان شومر، كما بالنفي الى مدينة الجلفة من طرف الكولونيل مسوتي وحكام رباط مسعد مثل السيدين بوكس والفسيان جرمة.
وفرضت عليه الاقامة الجبرية بمنطقة (المعلبة) بعض الوقت وذكر ذلك في رسالته الى صديقه بن عياش بن الطيب يذكر فيها انه أقام بالمعلبة وقد سئم البقاء فيها..
كان واسع الخيال ولم يكن مثل معاصريه الذين كانت ثقافتهم تقليدية ترتكز على الثقافة الدينية واللغوية. عرف (.. باتجاهه السلفي الإصلاحي، أوى إلى شبه عزلة صوفيه.. من أغزر الكتاب كتابة وأطولهم نفسا.. اشتهر بحفظه الجيد وغزارة علمه. له قلم فياض وأسلوب يجمع بين النقد والفكاهة..)
وقد نبغ المسعدي في كثير من العلوم حيث كان يعتمد عليه في الفقه وكانت فتاواه مصدرا للتشريع آنذاك. كان يعلم بالجامع الكبير بمسعد. كما درس بالجلفة، ويدرس لطلبته كتب الصلاة والفرائض من سيدي خليل ومن بين اشهر تلاميذه الامام الشيخ محمد بن عبد الرحمن الرايس، والشيخ بن عياش والقاضي عرابي عطا الله هذا الاخير الذي كان يكيد له الدسائس وعين من عيون الاستعمار حيث كان سببا في قضاءه 23 يوما في السجن بعد وشاية من القاضي  وزاره في سجنه المحامي. لاقايارد  من البليدة الذي كلفه اخوه بقضيته.
وقد عرض المسعدي شكواه ضد القاضي الى حاكم رباط مسعد في رسالة  مشهورة كتبها في 10 جوان 1939. وعرف عنه وقوفه ضد المستعمر الفرنسي الذي كان يرصد تحركاته ويكيد له الى جانب محنة السجن والاعتقال، النفي والمتابعة وكانت الادارة الفرنسية ترصد تحركاته اولا بأول في تقارير مكتوبة مسجل عليها (هذا الرجل خطرا على الأمن العام وعلى فرنسا).
وكان المسعدي ناقما على الوضع وعلى اهله وذكر ذلك في احدى رسائله للديسي حيث يقول (..ولاحي الله هذا الزمان ولا بياه، زمان سادت أراذله، وشاطت أباطله، عفت فيه القوافي ولم يبقى منها سوى الرسوم العوافي –ثم يضيف– على اني بين اظهر بني نائل، ولم استظهر من نائل، وبين بني سعد ولم يسعدني سعد..) وهو ماجعل الديسي يتجاوب معه ويرد عليه في احدى رسائله، حيث وصفه بقوله: (بدر بني سعد وان لم ينصفوه قبل وبعد، اذ لو انصفوه لتوجوه بل وزوجوه، من تحسد عليه مسعد، وان كان اهلها بعلمه لم تسعد...) الى اخر الرسالة.
وقد عبر المسعدي عن ذلك في احدى قصائده:
اصبحت في مسعد وليس يسعدني    دهــر بلا صـحـب ولا ديـــن
كـانني جـئت اغـتـال العـقـول       او اعلـمـهم طيش السـراحي
او كأنني مصحف في بيت طاغيــه    هلباجة من أهيل ذمة الديـــن
ورغم انه كان منكبا على القراءة والكتابة والتعليم الى انه كان يرحل من حين لاخر لزيارة شيوخه او حضور اجتماعات خاصة رحلته الى زاوية الهامل لالقاء دروس وزيارة صديقه الديسي المدرس بالزاوية.والالتقاء بالاعلام والشيوخ الذين كانوا يزورون الزاوية بانتظام،وللمسعدي قصيدة قالها  حينما وافى ختم ملحمة الحريري للسيد الخليل نجل المصطفى القاسمي بعد ان سئل ان يقول في ذلك شيءمن شعره وكان بصحبة ولده محمد، فقال:
محمد بشرني بعز واقبـال اذا     ماحللنا فيث عريسة رئبال
اذا مانزلنـا بين ليث واشبـل      بهم تدفع الاوا وابلغ امالي
هم العروة الوثقى هموا كعبة الندى      هموا قبلة الرجى هموا صفوة الاءال
 وكان بالمناسبة يلتقي بشيخه الطاهر العبيدي ففي إحدى وثائقه نجد بأنه أجاز صديقه الروحي ابن عياش بن الطيب بالحديث المرفوع الى السند حيث يذكر (كتبت وانا اضعف خلق الله البر الرحيم عبد القادر بن ابراهيم لطف الله بي في الدارين امين حدثنا الشيخ الطاهر بن العبيدي بالهامل حدثني الشيخ المكي بن عزوز بسنده المتصل الى سيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يامعاذ اني احبك فقل دبر كل صلاة اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك وقال الشيخ بسنده وانا احبك الخ وانا اقول لك ياعبد القادر اني احبك الخ وانا اقول لاخي الروحي يابن عياش بن الطيب اني احبك فقل دبر كل صلاة اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك وقد اجزته به واجزت له روايته عني لمن يحقق بذلك حسبما اجازني الشيخ رضي الله عنه  فليشدد يده بهذا الكنز الذي تنقطع دونه امال الرجال من سند صحبة سيد اهل الكمال والحمد لله على كل حال ذالك فضل الله يؤته من يشاء والله ذو الفضل العظيم) وهذا يدل على ان المسعدي سمع عن العبيدي في الهامل.
كما كان كثير التردد على مدينة آفلو لزيارة صديقه البشير الإبراهيمي في منفاه. أما العاصمة فكانت زيارته لحضور اجتماعات جمعية العلماء المسلمين لقاء صديقة الإبراهيمي في بيته.
عين مفتي الجلفة سنة 1928. ووجدنا رسائل عديدة تأتي إلى الشيخ من مختلف الأقطار وحتى من عند العبيدي والديسي يسألونه في بعض المسائل. ومن اشهر فتاويه ما شكل على علماء ميزاب من ميراث المخنث وهي الفتوى التي بلغ بها صيته المرابع المجاورة خاصة الإخوة المزابيين وكان سؤال عن فتوى من بن الحاج بكير بن يحي "مزابي في القرارة"
كما عرف عنه كاتبا في صحف جمعية العلماء إذ لما تأسست جمعية العلماء أصدرت قرارا لها في 1933 يقتضي بتخصيص جزء من الشهاب تنشر فيه خطبها ومحاضراتها وفتاويها وجميع منشوراتها العلمية ثم أنشئت الجمعية فيما بعد جرائد وفي سنة 1935 صدرت البصائر. فنشر فيها عدد من المقالات والآراء وقد حدثني الباحث والمحقق (ضيف)  انه اطلع في جريدة على رسائل تحمل عنوان كتبها المسعدي وللاسف الشديد لم اطلع عليها.
وعرف بأنه مترجما لإتقانه اللغتين العربية والفرنسية اذ عرف عنه انه اول من ادخل أدب شكسبير وفيكتور هيغو إلى نواحي الجلفة وخاصة منطقة مسعد.
كما انه كان من الأوائل الذين التحقوا بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، حيث شارك في الاجتماع التأسيسي المنعقد بتاريخ 17 ذي الحجة 1349 الموافق 5 ماي 1931 بنادي الترقي بالعاصمة. حيث تم وضع القانون الاساسي للجمعية والمصادقة عليه، والموافقة على تشكيل المكتب الإداري للجمعية.
كما كان يحضر لأغلب الندوات التي تقيمها الجمعية وحتى الاجتماعات الرسمية ومنها حضوره الجمعية العامة لجمعية العلماء المنعقدة في العاصمة من 1 الى 30/11/1934 بناء على الدعوة الموجهة اليه من رئيسها بتاريخ 17/10/1934. كما شارك في الاجتماع المخصص لانتخاب المجلس الاداري العام لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين لعام 1946
وصفه شيخه العلامة الطاهر بن العبيدي بقوله: "الإمام العلامة الهمام. خيثر المفهوم القاذف بجواهر المنطوق والمفهوم الخطيب المنشئ" ويصفه كذلك الشيخ بن العبيدي "غرة جبين الآداب, ودرة الجحاجحة الألباب الرواي من الكلام صحيحه والزاوي من اللسان العربي فصيحة, الضرغام الذي إن تكلم أفهم… وإن كتب أرهب وإن ناضل قضم وقصم وإن نازل قهر وطهر…" ويصفه الشيخ عبد الرحمن الديسي بقوله: "قسر البراعة وأفضل من أقر على أنامله البراعة بدربني سعد.. خير جليس وأفضل أنيس…".
وقد ترك العديد من المؤلفات ما زالت مخطوطات منها:
 شرح لامية الأفعال لابن مالك ،  طرفة البيان على نظم تحفة الإخوان وهو شرح على رسالة البيان للدوديرّ،  الكلام عن الولاية في الإسلام،  تفضيل البادية بالأدلة البادية [وهي رسائل أدبية تبادلها مع عبد الرحمن الديسي] ،  الصلاة،  البدعة في الإسلام،  شرح لامية العرب للشنفرى،  مظالم حاكم رباط مسعد المتوالية دكتاتورية  غير متناهية، وفتاوى كثيرة مختارات أدبية جمعها من أمهات الكتب، ديوان شعر مخطوط،  شرح على تحفة الأفاضل للشيخ العبيدي،  طرفة البيان على نظم تحفة الاخوان وهي شرح لمنظومة العبيدي التي نظمها في البلاغة للدردير، بالإضافة إلى دروس مكتوبة عبر كناشات كان يستعملها.
أما الرسائل فلا تعد ولا تحصى ضاع منها الكثير كان يتبادلها مع أعلام عصره أصدقائه من الأدباء والحكام والأعيان وكانت اغلبها أدبية وذاع صيتها لما فيها من عيون الأدب والحكمة والشعر وفنون النثر وهي من نوع الرسائل الاخوانية المتبادلة بين شيخ وتلميذه وشيخ وصديقه. ولم تكن بعيدة عن ما عرفته تلك الفترة من أحداث خاصة وانه في عدد من الرسائل نجد آراء سياسية بما فيها عدد من الأحداث الدولية خاصة التي شهدها العالم الاسلامي كالانقلاب الذي قاده كمال أتاتورك ضد الخلافة العثمانية. واغلبها تبادلها مع الشيوخ الإمام عبد الحميد بن باديس، محمد البشير الابراهيمي، الطاهر بن العبيدي السوفي (1886-1968) واخوه احمد العبيدي (1307/1397) ومحمد بن عبد الرحمن الديسي(1854/1921).
منها رسالة من الابراهيمي بخط يده وبختم جمعية العلماء تحت رقم 337 مؤرخة في 02 رمضان 1366/20 جويلية 1947 حيث جاء فيها (الاخ المحترم الشيخ عبد القادر بن ابراهيم حفظه الله. بعد السلام عليكم ورحمة الله فقد بلغتني رسالتكم ففرحنا بقدومها فرحتنا برؤية وجهكم اما ماذكرته عن استعدادكم للانتقال حيث تعمل للعلم وللدين فقد سرنا ذلك جد السرور وقد بلغني من جماعة الجلفة انهم راغبون في قدومك اليهم ونحن نوافقهم عن ذلك ونخضك على القدوم الى الجلفة وفتح دروس الوعظ والارشاد ونحن واثقون انك تخدم الحركة الاصلاحية لا في الجلفة وحدها بل في كل مايحيط بها من قرى واعراش.بارك الله فيك واعاننا واياك على الخير وعليكم السلام من اخيكم محمد البشير الابراهيمي).
اما مراسلاته مع شيخه الطاهر بن العبيدي فلا تعد ولا تحصى منها الرسالة التي يصفه فيها شيخه بـ (غرة جبين الآداب ودرة الجحاجحة الانجاب الراوي من الكلام صحيحه والزاوي من اللسان العربي فصيحه الضرغام الذي ان تكلم افهم وأفحم وان كتب أرعب وارهب وان ناضل قضم وقصم وان نازل قهر وظهر الأديب الذي لايجاري ولا يماري ومادراك ماهو بلغ القصاري..) فيرد عليه المسعدي (الحمد لله سلام أبهى من عقود الجمان وأزهى من روض الجنان وأذكى من الأس والأقحوان يهدى الى جناب الدراكة الملاذ العلامة الأستاذ ذي الأيادي والأيدي شيخنا سيدي محمد الطاهر بن العبيدي أبقاك الله على مدد الايام بجاه سيد الأنام وبعد يا مولانا ان عبيدكم لفي غلق عظيم ووجد جسيم لانقطاع الأخبار واندراس الآثار وقد كتبت لكم جوابا عن جوابكم ولذيذ خطابكم ورجوت الاطلاع على بعض أحوالكم مع انك يامولانا أهل الصفح الجميل والفخر الاثيل....
اما الرسائل المتبادلة مع محمد بن عبد الرحمن الديسي فلا تخلوا من السجع والصنعة كما ذكر د.بن قينه (حيث يختار الكلمات ذات الجرس الموسيقي والرنين القوي..)
 اما المسعدي الشاعر، فقد ترك عديد من القصائد لو جمعت لتشكلت أجمل الحلل لما تحويه. منها أول قصيدة قالها المسعدي بحضرة الأستاذ الطاهر بن العبيدي.
بكرا زرت بالشمس في حلل البها          حللا كساها نجل بحدة في المـــــلا
آذه شموس أم دروس قد بــدت          سحرا حلالا في المحافل قد حــــلا
قد صاغها شمس الهدى بحر الفدى        مشفى الصدى أعني الهمام الأفضلا
علامة التحقيق ذو اللفظ الأنيــــق     المكودي الألمعي الأجمـــــلا
لا سيما وقد كساه المرتضـــــى       حللا زرت بالشمس في عـــلا
العالم القطريف من حسناتـــــه        تسمو النجوم وفي العديد الطيسـلا
وقد فارقنا المسعدي يوم 30 أوت 1956 ورثاه شيخة الطاهر بن العبيدي، حيث يقول:
 مسعد حسرتي فقدت السعادة      وخلعت تاج العلى والسيادة
كنت بين القرى محط رحال       في بني نائل كقصر إشــادة
كان نور العلم فيك شريفا         إن فقد العلوم فقد السعادة
===
(*) بتصرف عن مقال : حفناوي يقرأ المسعدي أو من يتذكر العلامة عبد القادر بن ابراهيم النائلي ، 1988/1956 -  نشر بباب المقالات بمجلة التبيين عن جمعية الجاحظية، العدد 31 سنة 2008

 
- تعريب وتطوير : الأستاذ: عطية بلقاسم